السؤال: السلام عليكم. نحن مشرفو حلقة المرحلة المتوسطة، ولكننا في هذا الفصل الدراسي نعاني من بُعدِنا عن الطلاب، وقُرْب الطلاب من بعضهم، فكانت عواقب ذلك أنْ أصبح الطلاب بينهم لعب أون لاين وسوني وما شابههما، وخاصة أربعة أشخاص في ثاني متوسط، هم اللذين تدور عليهم هذي الممارسات. وكنا نستخدم أسلوب السيطرة ونقدمه على أسلوب القرب والاحترام. فما رأيك في هذا؟ هل نقترب منهم أكثر فأكثر؟ وكيف نقترب منهم؟
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بارك الله جهودكم ونفع بنا وبكم. ويبدو من ظاهر السؤال أنكم شخصتم المشكلة، وأدركتم موضع الإشكال هو أنَّ أسلوب السيطرة لا ينبغي أنْ يُقدَّم على أسلوب المعايشة والقرب والاحترام، وهذا صحيح. ومن المؤكد أنَّ ذلك لا يعني بالضرورة فساد أسلوب السيطرة، كما تسميه. وإنما التربية تفاعل مع الواقع التربوي واستخدام الأسلوب الأنفع في الوقت المناسب له، هذا عين الحكمة.
فيجب عليكم – كمربين – أنْ تقتربوا من طلابكم وأنْ تعايشوهم وتصاحبوهم وتؤاخوهم؛ إذ لا تصح التربية بدون ذلك، ليس هذا على مستوى الدليل الشرعي الذي يتضح لنا من خلاله قرب النبي r من الصحابة الكرام ومعايشته لهم إلى الحد الذي لا يسمون فيه طلاباً، وإنما يسمون أصحاباً، ليس على هذا المستوى فحسب، بل على مستوى نموذج الأم التي غالباً ما تكون قريبة من أبنائها تصاحبهم وتعايشهم وتقترب منهم، وبالتالي يكون لها الأثر العظيم في تربيتهم، وكل من أراد أنْ يؤثر إيجاباً كان عليه لزاماً أنْ يقترب من يريد التأثير فيهم.
وعليكم – كمشرفي مرحلة – أنْ تناقشوا أسباب بعدكم هذا، في جوٍّ من الجدية والحزم، لتحددوا أسبابه، وتعملوا على تلافيها والتخفيف منها، فهو خلل محوري وجوهري. ثم تقترحوا أفكاراً تقربكم من طلابكم وتقربهم منكم، وتقيِّموها؛ فيكون لديكم نتيجتان:
النتيجة الأولى تجيب على سؤال: كيف نتغلب على معوقات الاقتراب من الطلاب؟
النتيجة الثانية: تجيب على سؤال: كيف نقترب من الطلاب بصورة حقيقية؟
أما أسلوب السيطرة فنحن بحاجة إلى ما يتعلق بالنظام فيه، وأعني أنه لا بد من وجود نظام ما متعارف عليه لدى الطلاب والمعلمين، يتعلق بسير العمل التربوي، فلا يصح أنْ تكون الحلقة، أو المحضن التربوي عموماً، هي التي تتسبب في تجميع الطلاب خارج سياقها، فإنَّ دلالة ذلك ضعف الإدارة التربوية للعمل في هذي الحلقة أو في هذا المحضن التربوي، كما أنَّ الطلاب الذين أتوا إلى هذي المحاضن أمانة الأسر والبيوت لديكم؛ وتجمع الطلاب خارج سياق المحاضن شرخ في هذه الأمانة، وتدنٍ في مستوى المسؤولية. وواجب الإدارة التربوية أنْ تخلق نظام عمل يتعارف عليه الجميع ويلتزمون به ويحاسبون على خرقه، كما تتحمل الإدارة التربوية مسؤولية ضبط هذا النظام. وهذا النظام فيه فائدة أخرى إضافة إلى الضبط، وهي تربية الطلاب على احترام النظام والالتزام به وتحمل مسؤولياته؛ إذ يعد ذلك من أولويات القيم التربوية.
ويتنبه إلى أنَّ خط القُرب والاحترام وخط النظام يجب أن يسيرا متوازيين، وبميزان وحكمة، وهذي هي مسؤولية المربي. والله الموفق.
8 رجب 1439هـ