علمتني سورة الفتح أن الأحداث المؤسفة ربما تكون فتحاً عظيماً، فلا مكان لليأس إذن.
وأن الانتصار الحقيقي ليس في الميدان وإنما في الثبات، وأن المكسب الحقيقي لأعمالنا ليس في غلبتها وإنما في الأجر المترتب عليها في الآخرة.
وعلمتني أننا لسنا وحدنا في معركتنا مع الباطل، فالله تعالى معنا بتدبيره ولطفه وحفظه وحبه. فظُنَّ بربك ظناً حسناً.
وأن الانكسارات ميلاد الانتصارات، فحين نزلت السورة على نبينا صلى الله عليه وسلم سأله رجل: أفتحٌ هو؟ فقال نبينا: (نعم والذي نفسي بيده إنه لفتح). فانتشر الإسلام وزاد عدد الداخلين لمكة في الفتح الأكبر قرابة ستة أضعاف أهل الحديبية.
علمتني سورة الفتح الحفاظ على بوصلة العمل والتركيز على الأهداف. خرج المسلمون بهدف العمرة ومعهم السلاح احتياطاً، وحين خرج لهم خالد بن الوليد في كراع الغميم لصدهم سلك النبي بأصحابه طريقاً وعرة غرباً تجنباً للقتال رغم قدرته عليه.
وعلمتني المفاضلة بين المصالح، فحين بركت ناقة نبينا في الحديبية، توقف عن المسير وقال: (والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها).
وعلمتني رؤية الخير في كل شر وتلمس الفرص في مواطن النكبات، لقد كان صلح الحديبية فرصة لإقامة تحالفات مهمة، إذ تنص البنود على قانونية ذلك. قال الزهري: (فتواثبت خزاعة فقالت: نحن في عقد محمد وعهده). حيث كانت قبل الصلح بحاجة إلى ذلك ولكنها في حرج منه.
وعلمتني أن الانفتاح الدعوي من المقاصد الدعوية. قال الزهري: (فلما كانت الهدنة ووضع الحرب وأمن الناس بعضهم بعضاً والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، فلم يكلَّم أحد بالإسلام يعقل شيئاً إلا دخل فيه، فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه).
علمتني سورة الفتح ألا أتوقف عند أول صد، وأنْ أغير خريطة عملي بدلاً عن التوقف، فحين صُد نبينا عن مكة وتوقف جهاد أهلها سار نحو خيبر وأدّب اليهود وقضى على فتنتهم، وأحدث فتح خيبر تحولاً أمنياً واقتصادياً إيجابيين ومفصليين (فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً).
وعلمتني أنّ ظروف الصراع قد تولِد بعض المواقف الخاطئة أو المرتبكة، وأن علينا تفهّم ذلك والتسامح في الحكم عليها. كان في نفس عمر بن الخطاب من الصلح شيئاً فما عاتبه نبينا وما زجره. بل إن الصحابة تأخروا في حلق رؤوسهم ونحر بُدنهم، وما زجرهم.
وعلمتني أن الفتوحات الكبيرة ربما تقدمتها أحداث عاصفة، قال ابن القيم عن الحديبية: كانت مقدمة بين يدي الفتح الأعظم الذي أعز الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وجنده، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، فكانت هذه الهدنة باباً له ومفتاحاً ومؤذناً بين يديه.
علمتني سورة الفتح أن السكينة حال المصائب والمحن من أحسن العطايا. قال السعدي: يخبر تعالى عن منته على المؤمنين بإنزال السكينة في قلوبهم، وهي السكون والطمأنينة والثبات عند نزول المحن المقلقة والأمور الصعبة التي تشوش القلوب وتزعج الألباب وتضعف النفوس.
وعلمتني أن الصبر على المحن وتوطين النفس لها يزيد في الإيمان ﴿هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم﴾. فالله معك، يسكن قلبك لتصبر، ثم يزيد إيمانك لأنك صبرت.
وعلمتني أن لله الحكمة البالغة، فإنه قد يدال على أهل الإسلام ليمتحن الله صبرهم وليزيد إيمانهم وليتخذ منهم الشهداء وليكفر عنهم السيئات وليدخلهم الجنات وليحل عليهم الرضا والنعيم المقيم.
وعلمتني أن الناكثين لعهد الله والمنسحبين من سبيل الله إنما يضرون أنفسهم ولا ينفعونها، لأن الله ناصر دينه وجنده، وأن هذا النكث نتيجة سوء الظن بالله تعالى.
وعلمتني أن الظن بأن المسلمين قد انتهى أمرهم وأنهم لا يُنصرون هو في حقيقته ظن سوء بالله يستوجب غضب الله ﴿الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا﴾.
وعلمتني أن الثابتين على الصراط العاملين لإعلاء الدين المترقبين لنصر الله هم الذين يحظون بقرب الله وتأييده ونصره ومعيته وثوابه ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما﴾.
علمتني سورة الفتح أن الفتوحات منها القريب، ومنها البعيد في أصقاع الأرض، قال ابن عطية: واتفقت في ذلك الوقت ملحمة عظيمة بين الروم وفارس ظهرت فيها الروم، فكانت من جملة الفتح على رسول الله، وسُرّ بها هو والمؤمنون، لظهور أهل الكتاب على المجوس وانخضاد الشوكة العظمى من الكفر.
وعلمتني أن انتشار العلم النافع وانتشار الإيمان من جملة الفتح، قال ابن كثير عن صلح الحديبية: (وآمن الناس، واجتمع بعضهم ببعض، وتكلم المؤمن مع الكافر، وانتشر العلم النافع والإيمان). فكل سبيل تنشر فيه علماً نافعاً أو تهدي به الناس فهو فتح من الله يستوجب الشكر والحمد.
وعلمتني أن الهداية والثبات من نعمة الله عليك، فلا مجال للتفاخر ولا مكان لتعيير الناس والشماتة بهم، فلولا فضل الله لكنت أحد الناكثين ﴿هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم﴾. فهو سبحانه ابتدأ الفضل وهو أتمه عليك.
وعلمتني أن التخلف عن العمل لنصرة الدين لا يجوز في دين الله. كانت سورة الفتح واضحة البيان في ذلك.
وأن الله تعالى لا تخفى عليه حقائق الأمور، وأنه مهما أبديت أعذارك فإنها لا تنجيك عند الله ما لم تكن مطابقة للحقيقة. ﴿بل كان الله بما تعملون خبيرا﴾.
علمتني سورة الفتح أن قوة الإيمان واليقين بوعد الله تبعث النفس للعمل في نصرة الدين والرسول، وأن ضعفهما يخذّل عنها ﴿بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا﴾.
وعلمتني أن الفقه الصحيح لا يفضي بصاحبه إلى التشاؤم والقعود وظن السوء ﴿بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا﴾.
وأن الاشتغال بالأهل ومعالجة الأموال وإصلاح المعاش ليس عذراً حقيقياً في القعود عن نصرة الدين والرسول، ولهذا عاب الله على المخلفين اعتذارهم به ﴿سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا ….﴾.
وعلمتني أن قوله تعالى ﴿بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا﴾ تعني ظنهم بأن المسلمين يُستأصَلون، خاب ظنهم. وقد جعل الله ذلك محالاً.
علمتني سورة الفتح أن الله تعالى عاقب المخلَّفين بمنعهم من الخروج مع نبينا لغزوة خيبر لأن الله جعلها غنيمة لأهل بيعة الرضوان ﴿سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل﴾.
وعلمتني أن الله يُتبع الادعاءات الكاذبة بالامتحان الذي يظهر الصادق من الكاذب، ﴿قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما﴾.
علمتني سورة الفتح أن قيمة المؤمن (نفسه وماله وعرضه) عظيمة في التصور الإسلامي، ففي الوقت الذي يبذل نبينا قصارى جهده في تجنب القتال مع قريش.. يأخذ البيعة من أصحابه لقتالهم حين ظن أنّ قريشاً قتلت عثمان.
وعلمتني أن رضا الله تعالى عن عبده هو أفضل المكاسب وأثمن الغنائم ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾. وماذا تساوي غنائم الدنيا ومكاسبها إذا قورنت برضى الله تعالى!
وعلمتني أنّ الله يثبب على النية الصادقة ما لا يثيب على الفعل، وأنه لا تخفى عليه ما تضمره القلوب، وأن للقلوب عبادة كما أن للجوارح عبادة، ﴿فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا﴾.
وعلمتني أنّ صدق النية يفضي إلى الثبات ﴿فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم﴾ قال ابن جرير: الطمأنينة والثبات على ما هم عليه من دينهم وحُسن بصيرتهم بالحق الذي هداهم الله له.
وعلمتني أن الله تعالى إذا ابتلى عباده بما يكرهون من الأقدار ثم صبروا وصدقوا فإنه يعوضهم في الدنيا بفتح من عنده ﴿وأثابهم فتحا قريبا﴾. قيل: فتح خيبر.
وعلمتني أن اليقين وحسن الظن بالله يمنحان الفأل وترقب النصر، فحين ردت قريشٌ المؤمنين وعد الله بفتح فارس والروم ﴿وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا﴾. روي عن ابن عباس.
علمتني سورة الفتح أن القوى الدولية العظمى -التي لا نقوى على مناجزتها- في قبضة الله وتحت قدرته ﴿وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا﴾.
وعلمتني أن القدرة القتالية ليست المعيار الوحيد في اتخاذ قرار الحرب على الكافرين، ﴿ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا﴾ فمع قوة المسلمين العسكرية إلا أن تجنب القتال في الحديبية كان أحسن وأكثر خيرا.
وعلمتني أن عقد صلح مع الكافرين لا يعني محبتهم والاندماج فيهم فإن الكفر أعظم من القتل.
وأن الإسلام يصنع المعجزات وينتصر على الطغاة الأقوياء. قال البغوي: وما كانت العرب تقدر على قتال فارس والروم، بل كانوا خولاً لهم حتى قدروا عليهم بالإسلام.
وعلمتني أن سنة الله التي لا تتبدل أنه ينصر أولياءه ويقهر أعداءه. ﴿ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا . سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا﴾.
علمتني سورة الفتح أن الحكمة أقوى من السلاح وأن تأخيرك استخدام القوة رغم قدرتك عليها من الحكمة إذا ترتب عليه نصرٌ أعظم، ولذلك امتن الله على المؤمنين بكف أيديهم بعد القدرة ﴿وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم﴾.
وعلمتني أن تكون نظرتي أوسع وأشمل، فإن الله كف القتال في الحديبية لحِكم منها وجود المؤمنين في مكة، والذين ربما يصيبهم أذى بسبب هذا القتال ﴿ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم﴾.
وعلمتني أن اندماج المؤمنين في مجتمع الكفار موجب للتريث وتدقيق النظر في المواجهة، وأنه لا يجوز إخراجهم من نطاق التفكير والحسابات.
علمتني سورة الفتح أن السياسة الشرعية ضربٌ من ضروب المدافعة والجهاد، لا تقل شأناً عن القتال في سبيل الله، في شدتها ووعورتها وفي مآلاتها أيضاً.
وعلمتني أن مرد الأمور كلها إلى الله تعالى: قدراً وشرعاً. فهو الذي شرع الجهاد والقتال. وهو الذي كف القتال في الحديبية. والمؤمن يتقلب بين الرضا بالقضاء وإنفاذ أمر الله تعالى؛ فهو يتقلب بين عبودية وأخرى.
علمتني سورة الفتح أن سَوق الهدي من مكان إقامتك إلى المسجد الحرام سنة نبوية، وقد ساق نبينا في هذه الرحلة المباركة سبعين من الإبل ﴿والهدي معكوفا أن يبلغ محله﴾ معكوفاً = محبوساً. محله = المسجد الحرام.
علمتني سورة الفتح أن الله تعالى يفتح على المؤمنين إذا رضي عنهم أكثر مما يستطيعون أو يتوقعون ﴿وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا﴾.
وأن نبينا -وإن لم يحقق غرضه من العمرة- قد انتصر في الحديبية نصراً سياسياً، فإن التفاوض يعني الندية، كما أن فكرة الصلح منشؤها من عند نبينا فظفر بها، إضافة إلى عدد من الإجراءات ذات الأثر الإيجابي على نجاح الصلح.
وعلمتني أنه ليس من الهزيمة أن تمحو (بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم) وتكتب بدلا عنها: (بسمك اللهم). بعض التغييرات والتعديلات ليست هزيمة.
وعلمتني أن الشدائد مظنة وقوع الأخطاء، فلا ينبغي فيها التلاوم والتعيير، وإنما النصح والاستغفار.
علمتني سورة الفتح فضل الزوجة الصالحة على زوجها وبركتها عليه، فأم سلمة هي التي أشارت بأن ينتقل نبينا من الأمر بالحلق والنحر إلى المبادرة بالفعل.
علمتني سورة الفتح أن الظروف الشديدة لا ينبغي أن تثبطك عن الإيجابية، وقد تجاوز أبو بصير عقبة (بنود الصلح) وقدم دوراً إيجابياً كان له كبير الأثر على مجرى الأحداث، في نفس الوقت الذي لم يكن فيه عاصياً لأمر الله ورسوله. الإيجابية تنبع من ذاتك وإيمانك وليس من ظروفك.
وعلمتني أن الواجب تقوية نفوس المؤمنين عند الشدائد والخطوب. نزلت سورة الفتح وما فيها من مبشرات في وقت غمٍ على المسلمين وخيبة وانكسار.
وعلمتني أن وجود الأقليات المسلمة في المجتمعات الكافرة هو جزء من وجودنا، والتفكير في مصلحة الإسلام لا يجوز أن تُغفل مصلحتهم ﴿ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم﴾.
علمتني سورة الفتح أن الصبر وقت الاستفزاز والوقار والطمأنينة من السكينة التي ينزلها الله على قلوب المؤمنين.
وأن هذا الدين ما أنزله الله إلا ليعلو وليدوم وليبقى وليظهر، وهذه مسألة قد فُرغ منها، فلا تقلق. ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله﴾.
وعلمتني ألا أقدم رؤيتي للواقع على نص وعد الله مهما كان الواقع مقنِعاً. فالله تعالى وعد بدخول المسجد الحرام والواقع أن قريشاً صدت عنه. لكن الله لا يخلف وعده فدخلوا العام التالي.
وعلمتني أن الله تعالى يدفع عن الكفار ويبارك لهم ببركة وجود المؤمنين بينهم ﴿ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم﴾ ، هذا معنى قول قتادة رحمه الله.
علمتني سورة الفتح أن الإضرار بالمؤمنين الموجودين بين ظهراني الكفار (استضعافاً) يدخل في قوله ﴿لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم﴾ ولهم أحكام سياسية ينبغي تعلمها.
وعلمتني أن المنافقين يجدون في الانكسارات فرصة للتشفي والشماتة وبث الريبة والتشكيك في وعد الله. لقد فعلوا ذلك حتى قال الله تعالى ﴿لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام …﴾.قال ابن عطية: علم المسلمون أن تلك الرؤيا فيما يستأنفون من الزمن واطمأنت قلوبهم.
وعلمتني أن الحميّة مضرة في مواطن التعقل والتأمل، قال أبيّ بن كعب: (لو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام).
وأن أتّهم رأيي في حضرة النص الشرعي. قال سهل بن حنيف: (يا أيها الناس اتهموا الرأي، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أقدر على أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددته).
وعلمتني أن الشريعة الإسلامية دين مكتمل جمعت العلم النافع (الهدى) والعمل الصالح (دين الحق). قاله ابن كثير والسعدي.
وأن ظهور الإسلام وغلبته وقوته كما تكون بالسيف والسنان تكون أيضاً بالحجة والكلمة والتعليم والبرهان.
وأن معرفة أخلاق العدو وقِيمه وطرق تفكيره من الحكمة التي يحبها الله تعالى. ونبينا استفاد من هذا الأمر في سيرته في الحديبية كما فعل مع سفراء قريش وغيرها.
علمتني سورة الفتح أن السكينة (والتي تعني الأناة والصبر والطمأنينة) أشرف من الحمية، لذلك أضيفت إلى الله تعالى ووصفت بأنها منزلة من عنده.
وعلمتني أن المستقبل للإسلام لا محالة وأن الله ناصر دينه ومظهره على كل ديانة، وأنه جل في علاه أشهد نبينا على ذاته الشريفه بتحقيق هذا الوعد ﴿وكفى بالله شهيدا﴾.
علمتني سورة الفتح أن الرحمة بالمؤمنين والشدة على الكافرين مما يبتغى بهما فضل الله ورضوانه، كالركوع والسجود ﴿والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا﴾ محكي عن قتادة.
وعلمتني أن للإسلام سيما وعلامة وهالة تظهر على محيا أهله ﴿سيماهم في وجوههم من أثر السجود﴾. وهي شيء لا يصطنعه الإنسان وإنما نتيجة تظهر على وجهه في الدنيا والآخرة.
وعلمتني أن الإنسان يمكن التعرف عليه بالتعرف على أصحابه، فقد عرّف الله تعالى نبينا في التوراة والإنجيل والقرآن بأصحابه.
علمتني سورة الفتح فضل الصحابة الكرام، فقد أثنى عليهم الله تعالى في القرآن والتوراة والإنجيل، وهذه فضيلة نادرة لا تكون إلا للصفوة من عباد الله، فسحقاً لمن لا يعرف لهم قدراً أو فضلاً.
وعلمتني أن الوصف في قوله تعالى ﴿ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار﴾ هو بشارة بعلو الدين وانتصار أهله وتكاثر عددهم ودخول الناس أفواجاً في الإسلام.
وعلمتني أن انتشار الإسلام وتمسك المسلمين بدينهم يغيظ الكفار ﴿كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار﴾.
وأن الذين يكرهون الصحابة الكرام ويغتاضون منهم كفار، هكذا قال الإمام مالك عن الرافضة.
وعلمتني أن الواجب في أوقات الهزائم والانكسارات أن يسودها حديث الاستعلاء الإيماني والتفاؤل بنصر الله.
الآن وبعد قراءتي لتفسير سورة الفتح عند ابن جرير الطبري والبغوي وابن عطية وابن كثير وابن عاشور والسعدي فهمت حديث نبينا صلى الله عليه وسلم إذ قال: (لقد أنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس) ثم قرأ (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً) أخرجه البخاري.
وهناك فوائد لم أستطع كتابتها خشية الغلط وخشية ألا أستطيع التعبير عنها بما يناسب. وأصل هذه التدوينة تغريدات على تويتر مجموعة دونتها تحت هاشتاق #علمتني_سورة_الفتح ، وأسأل الله التوفيق.
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل. آمين.